فصل: انقراض بني حمدان بحلب واستيلاء بني كلاب عليها.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.ملك سعد الدولة بن حمدان بحلب وولاية ابنه أبي الفضائل واستبداد لؤلؤ عليه.

ولما هزم سعد الدولة مولاه بكجور وقتله حين سار إليه من الرقة رجع إلى حلب فأصابه فالج وهلك سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة وكان مولاه لؤلؤ كبير دولته فنصب ابنه أبا الفضائل وأخذ له العهد على الأجناد وتراجعت إليهم العساكر وبلغ الخبر أبا الحسن المغربي وهو بمشهد علي فسار إلى العزيز بمصر وأغراه بملك حلب فبعث إليها قائده منجوتكين في العساكر وحاصرها ثم ملك البلد واعتصم أبو الفضائل ولؤلؤ بالقلعة وبعث أبو الفضائل ولؤلؤ إلى ملك الروم يستنجدانه وكان مشغولا بمقاتلة البلغار فأرسل إلى نائبه بأنطاكية أن يسير إليهم فسار في خمسين ألفا ونزل جسر الحديد على وادي العاصي فنفر إليه منجوتكين في عساكر المسلمين وهزم الروم إلى أنطاكية وأتبعهم فنهب بلادها وقراها وأحرقها ونزل أبو الفضائل ولؤلؤ من القلعة إلى مدينة حلب فقتل ما فيها من الغلال وأحرق الباقي وعاد منجوتكين إلى حصارهم بحلب وبعث لؤلؤ إلى أبي الحسن المغربي في الوساطة لهم في الصلح فصالحهم منجوتكين ورحل إلى دمشق حجرا من الحرب وتعذر الأقوات ولم يراجع العزيز في ذلك فغضب العزيز وكتب إليه يوبخه ويأمره بالعودة لحصار حلب فعاد وأقام عليها ثلاثة عشر شهرا فبعث أبو الفضائل ولؤلؤ مراسلة لملك الروم وحرضوه على إنطاكية وكان قد توسط بلاد البلغار فرجع عنها وأجفل في الحشد ورجع إلى حلب وبلغ إلى منجوتكين فأجفل عنها بعد أن أحرق خيامه وهدم مبانيه وجاء ملك الروم وخرج إليه أبو الفضائل ولؤلؤ فشكرا له ورجعا ورحل ملك الروم إلى الشام ففتح حمص وشيزر ونهبهما وحاصر طرابلس فامتنعت عليه فأقام بها أربعين ليلة ثم رحل عائدا إلى بلده.

.انقراض بني حمدان بحلب واستيلاء بني كلاب عليها.

ثم إن أبا نصر لؤلؤا مولى سيف الدولة عزل أبا الفضائل مولاه بحلب وأخذ البلد منه ومحا دعوة العباسية وخطب للحاكم العلوي بمصر ولقبه مرتضى الدولة ثم فسد حاله معه فطمع فيه بنو كلاب بن ربيعة وأميرهم يومئذ صالح بن مرداس وتقبض لؤلؤ على جماعة منهم دخلوا إلى حلب كان فيهم صالح فاعتقله مدة وضيق عليه ثم فر من محبسه ونجا إلى أهله وزحف إلى حلب ولؤلؤ فيها وكانت بينه وبينهم حروب هزمه صالح آخرها وأسره سنة ستين وأربعمائة وخلص أخوه نجا إلى حلب فحفظها وبعث إلى صالح في فدية أخيه وشرط له ما شاء فأطلقه ورجع إلى حلب واتهم مولاه فتحا وكان نائبه على القلعة بالمداخلة في هزيمته فأجمع نكبته ونمي إليه الخبر فكاتب الحاكم العلوي وأظهر دعوته وانتقض على لؤلؤ فأقطعه الحاكم صيدا وبيروت ولحق لؤلؤ بالروم في أنطاكية فأقام عندهم ولحق فتح بصيدا واستعمل الحاكم على حلب من قبله وانقرض أمر بني حمدان من الشام والجزيرة أجمع وبقيت حلب في ملك العبيديين ثم غلب عليها صالح بن مرداس الكلابي وكانت بها دولة له ولقومه وورثها عنه بنوه كما يذكر في أخبارهم.

.الخبر عن دولة بني عقيل بالموصل وابتداء أمرهم بأبي الدرداء وتصاريف أحوالهم.

كان بنو عقيل وبنو كلاب وبنو نمير وبنو خفاجه كلهم من عامر بن صعصعة وبنو طيء من كهلان قد انتشروا ما بين الجزيرة والشام في عدوة الفرات وكانوا كالرعايا لبني حمدان يؤدون إليهم الأتاوات وينفرون معهم في الحروب ثم استفحل أمرهم عند فشل دولة بني حمدان وساروا إلى ملك البلاد ولما انهزم أبو طاهر بن حمدان أمام علي بن مروان بديار بكر كما قدمناه سنة ثمانين وثلاثمائة ولحق بنصيبين وقد استولى عليها أبو الدرداء محمد بن المسيب بن رافع بن المقلد بن جعفر بن عمر بن مهند أمير بني عقيل بن كعب بن ربيعه بن عامر فقتل أبا طاهر وأصحابه وسار إلى الموصل فملكها وبعث إلى بهاء الدولة بن بويه المستبد على الخليفة بالعراق في أن يبعث عاملا على الموصل فبعث عاملا من قبله والحكم راجع لأبي الدرداء وأقام على ذلك سنتين وبعث بهاء الدولة سنة اثنتين وثمانين عساكره إلى الموصل مع أبي جعفر الحجاج بن هرمز فغلب عليها أبا الدرداء وملكها وزحف لحربه أبو الدرداء في قومه ومن اجتمع إليه من العرب فكانت بينهم حروب ووقائع وكان الظفر فيها للديلم.